ملي كتسمع الأغاني المغربية الحديثة، بغض النظر على الشكل و المواضيع، تلاحظ وجود قاسم مشترك..باتوس مشترك، أي مجموع أحساسيس يتم التعبير عنها بشكل متشابه لشكل كبير..أي أن طريقة نظر المغربي للفشل و النجاح و الأم و البلاد و حتى الله و المرأة و الأبناء..شبه موحدة..أي أن هناك نفس البناء لذهني الذي يجعل المنتمين لهاته البلاد يكتسبون طريقة معين في الإحساس..بل لوغوس معين..و ميتوس مشترك…مجموع هاته الأشياء هي الهوية..قبل أسابيع، رئيسة حزب مغربي فاشل، لاداعي لذكر إسمه، قالت أنها لا تؤمن بشيء إسمه تامغرابيت..وهذا موقف راجع لولاء لهويات مافوق وطنية، و لإيمان بعقيدة تقدمية تؤمن بكونية القيم، و إمكانية تنزيل و تعميم القيم البرجوازية الأوروبية، و إستدماج التصورات التي أنتجتها الحداثة، داخل انساق هوياتية اخرى، دون توفر الشروط المادية، التي أنتجت هاته لحداثة في مجالها الآم..وهذا يكشف شيئين..إستيلاب هوياتي، و عدم ضبط هاته الأخت و من يدور في فلكها، لأبجديات التحليل المادي، التي ينبغي لها كيسارية و كرئيسة حزب يساري، ضبطه و توظيفه، في مقاربة الظواهر و القضايا التي تتناولها..
إن تامغرابيت ليست موقف رومانسي، او حنين الى نموذج حضاري مدفوع و موجه بشراع أيديولوجي رجعي أو ماضوي يحن الى إعادة إنتاج بناء هواتي فوق زمني..بل هو أولا محاولة لقطع الطريق أمام التصورات التفكيكية و المابعد حداثية، التي تقود أوروبا بخطى ثابتة الى حتفها..وذلك من خلال نسفها لكل الهويات الجمعية و الفردية، و خلق أفراد عبارة عن الكترونات حرة، لا يرلطها رابط، سقفها الإستهلاك و المتعة..وثانيا إعادة الإعتيار لجامع هوياتي، ناتج عن تفاعل لإنسان المغربي مع مجاله الجغرافي، تفاعل أنتج تصورات و أذواق، وطرق معينة غي إنتاج الفنون و العمارة والطبخ..الخ..
وثالثا، وهذا هو الأهم في زعمي، ان تامغربيت، كنسق هواياتي، من شأنه تقديم بديل جامع لكل مكونات الوطن، يتجاوز النسق الاقصائي الاختزالي التي تقدمه الجماعات الاسلامية، و نظيره الأمازيغاوي، الذي يقلص الهوية المغربية في جزء معين.. وبهذا تكون تمغرابيت، درع أمام كل النزعات الفئوية، و إحتفاء بما يجمع كل المغاربة، بإختلاف ألسنتهم وأديانهم.