Categories
وجهة نظر

رجل في الحداثة و أخرى في التقليد

يمتاز المغرب كباقي البلدان التي تضع رجل في الحداثة و أخرى في التقليد، بنظام اجتماعي و سياسي هجين، يزاوج بين شحال من حاجة، من بينها القانون و نظام بنت الكوميسير..هذا الأخير سابق عن القانون، و شكل الدول الحديثة، و قيمة المساواة التي لم يعرفها المجتمع المغربي الا بعدما أطل علينا الإستعمار برأسه و رسالته الحضارية التي كان يستخدمها لقضاء أشياء في نفسه..بنت الكوميسير ليست حادثا عابرا، بل هي الأس الذي تنبني عليه الدولة المغربية و مجتمعنا الحبيب، البنيوية الكوميسارية..تصور شمولي، يبدأ من قمة هرم الدولة، يوقر صاحب هاته البطاقة، وينتهي عند أبسط موظف الذي أوصاه إبن عمة فلان عن فلان لكي يمنحه شهادة الحياة دون أن يشد السربيس،وقد تمر بالفرملية التي اوصتها جارتها عن فلانة التي ستلد برهوشا الاسبوع المقبل، و علان الذي يركب في الطوبيس فابور لأن إبن خاله كنترول في شركة النقل..البنيوية الكوميسرية، أو كما يسميها جاك بيرك، نظام الأعيان، نظام تراتبي أوليغارشي، تسود فيه علاقات هيمنة، تنظمها و تحكمها انتماءات قبيلة و زاوياتية و طبقية، سابقة عن كل أشكال الإنتماء الحزبي او الايديولوجي..الخ..فالكوميسير ليس رتبة شرطي، بل صفة كل شخص يمتاز برأسمال اجتماعي وعائلي واقتصادي، وقناة للتعبئة والوساطة بين الإدارة والناس، تجعله يعتلي مرتبة مهمة داخل المجتمع..فقد يكون رجل سلطة، فقيه، طبيب، أستاذ، أو حتى رب الأسرة ..كل يتصرف وفق بنية ذهنية موحدة، طبٌع معها الجميع، ويعيد إنتاجها، حسب مايسمح له به، وضعه المادي و الإعتباري..فالقائد الذي سمح لإبنة الكوميسير بالمرور، لم يفعلا شيئا، الا الخضوع لنظام و بناء ذهني و نفسي يؤمن به، سواد المغاربة..و إخضاعة للتحقيق، ليس الا در للرماد في العيون، وخضوع، ومس بأحد ركائز النظام و المجتمع المغربي..فلان ديالنا!..فكلناا كوميسير و كلنا بنت كوميسير..ونتمنى إطلاق سراح القائد و إعادته لوظيفته، و الإعتذار منه..بل علينا أن نرفع أكف التضرع الى البارئ تعالى جده، في هذا الشهر الفضيل، لعله يرضى و يقبل إعتذارنا.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *