Categories
وجهة نظر

تجربة شخصية

عام 2021، إلى حد الآن، شكل بالنسبة لي العام اللي اتخذت فيه قرارات كثيرة، أهمها:

1. تنقية محيطي الشخصي، فابتعدت عن عشرات الأشخاص اللي كنت كنعتبرهم أصدقاء وعشران، بعدما دقَّقت فتعاملهم معاي بمنطق ”الربح والخسارة”، ولقيت باللي خاسر معاهم، مادياً ومعنوياً، وباللي غالبيتهم كنت بالنسبة لهم “مجرد وسيلة” لمتعتهم الشخصية، وملاذاً لهم، يلوذون به، فراراً من هزائمهم، وفراغهم. إضافة لسلبيتهم اللي استنزفت طاقتي الإيجابية بزاف، زد عليه أن بعضهم متعدد الأوجه.

وهادشي مكيعنيش أنهم خايبين، وباللي أنا زوين، وإنما كيعني أنني اتخذت قرار كنشوف فيه راحتي، سوا كان قرار غالط، ولا صحيح، فنظرهم. مهم فيه سلامي الداخلي.

2. ابتعدت فيه عن وسائل التواصل الاجتماعي، وولا ارتباطي بها قليل بزاف، خصوصاً الفايسبوك، وولات علاقتي بها لا تتجاوز بعض السطوريات اللي كنلوح فالواتساب والانستغرام، واللي مكتاخدش من وقتي -فالنهار كامل- حتى جوج دقايق، وإلا زدت لها التصفح د داكشي اللي لاحوه الناس، نقدر نوصل لنصف ساعة على طول اليوم، حيت داكشي كامل اللي كنت كننشر، سوا كتابة، أو صوتا وصورة، وعلى الرغم من أنني درت به بلاصتي -كصديق افتراضي- وسط آلالاف الناس، من كل أنحاء المغرب وخارجه، واللي كيعبرو عن حبهم لي، واحترامهم لآرائي ولمواقفي عبر تعليقاتهم، ولا رسائلهم فالخاص، ورغم علمي باللي بزاف منهم كيستافد من شحال من حاجة كننشرها، بشكل مباشر، أو غير مباشر، ولكنها كانت وسائط تواصل تستنزف طاقتي، وتمتص جهودي، وكتاخذ من وقتي، وخا هو أصلا شايط، على حساب أمور أخرى ممكن تكون أهم؛ بحال القراءة مثلا اللي هي أكبر متضرر، حيث إن مقروئي في السنوات العشر الأخيرة، لا يتجاوز بضعة كتب معدودة برؤوس الأصابع، بعدما كنت كنقرى ما بين 50 حتى 80 كتاب فالعام، بلا منحسب المقالات التحليلية، والتقارير والتحقيقات الصحفية، والبحوث العلمية المنشورة فالمجلات المختصة، اللي كنت كنقراها بنهم شديد.

3. وفهاد العام، كذلك، غيرت طريقتي فالتعامل مع خدمتي؛ فقبل 2021، كنت كنحرق بزاف أعصابي باش نغير عقلية التلامذ المليئة بالإحباط، ونعاونهم يكونو إيجابيين فحياتهم، وكان كيبقى في الحال ملي كنشوف شي تلميذ مكايجيبش مزيان فقرايتو عامة، وفالمادة اللي كنقري خاصة، وكاندير المستحيل باش يكونو متميزين. ولكن لقيت باللي كنطحن بزاف من طاقتي، بحال إلا غادي نخدم غير 10 سنين، فحين أنه مزال قدامي 30 أخرى، وميمكنش نحرق طاقة 30 عام فعاميْن، ولا 7 سنين.

فوليت كاندير الواجب ديالي بأقصى جهد نقدر عليه؛ ولكن اللي معندوش سوق، مغانحفيش معاه الحجرات ديالي كاملة، واللي معندو سوق، مخاصنيش نهز له الهم بحال إلا أنا اللي والدو، وبحال إلا هو مسؤوليتي، حيت اكتشفت باللي داك الهم اللي كنهز لتلامذ سلبيين، كيستنزفني بزاف.

لذلك، باش نحافظ على طريقتي واستراتيجياتي فالعمل فميدان التعليم، وفنفس الوقت مستنزفش راسي، بقيت محافظ على فلسفتي اللي كتعتمد -أساساً- على تكوين المتعلم/ة على النظر للحياة بعين العقل، وعلى امتلاك حس نقدي يقدر به يرسم مسارو باختيارو، وعلى تعليمه كيفية التعامل مع الخطابات الإنسانية، وتحليلها وتفكيكها، ارتباطا بمادة التخصص، وكيفية الاشتغال بآليات التفكير العقلاني الرزين، وعلى غيرها من قيم كبيرة، وطرق علمية رصينة، وفنفس الوقت، مغانعذبش راسي، ونكون مهموم بسبب تلامذ لا يهتمون، ولا يرغبون في التعلم.

وحافظت على روحي الإنسانية اللي كتخليني نعطي من وقت فراغي لهم، بحصص دعم، وتأطير مستمر فأنشطة تربوية موازية، وفق تنظيم مؤسساتي دقيق، متمثل فنادي أسستو من نهار حطيت رجلي فمؤسسة الاشتغال، كيكرس عمل الفريق، وروحه.

وحاليا، بعدما وفرت بزاف د الوقت، وليت كنعيش فوضى، بسبب الفراغ الكبير، وكنعيش معركة إعادة ترتيب هاد الفوضى، باستعادة شغف القراءة، وتنظيم الكتابة، حيت ماشي ساهل ترجع لعادات قديمة بروح جديدة ناضجة، بعد صراع التخلي عن عادات جديدة تتميز بالسهولة والإغراء.

وملي ننجح فهاد التجربة، نتقاسم معكم الخطط العملية اللي خدمت بها.

Categories
مجتمع

مقاطعة “قفة رمضان”

لستُ أعرف إن كان من حقي دعوة المغاربة إلى مقاطعة “قفة رمضان”، رغم فقرهم، وحاجتهم إليها؛ ففي طريقة توزيعها إذلال لهم، وإهانة لكرامتهم الإنسانية.

إن التكافل الاجتماعي معمول به في دول العالم كله، متقدمها ومتخلفها، ولكن الشكل الذي تتم به في بلادنا مُهِينة للكرامة، حاطَّةٌ بالإنسانية. لذلك وجبت محاسبة من أخرجوها بهذا الإخراج الحقير، وإعادة النظر فيها.

وتبقى غايةُ الغايات، هي التوزيع العادل للثروة، بدل استحواذ فئة قليلة على أقساط خيالية من ثروات الوطن، وعيش الغالبيةِ العظمى الذلَّ والمهانةَ، إلى جانب الفقر والحاجة.

ولعن الله الفقر، وأحرق مسببيه في عذاب السعير.

Categories
مجتمع

التعليم عن بعد, و أهميته في التعليم والتكوينِ

إن التعليم عن بعد أسلوب لا أحد سينكر أهميته في التعليم والتكوينِ، من الناحية النظريّةِ، فيما أظُنُّ. غير أن المشتغل في ميدان التدريس يدركُ مدى صعابِه، ومشقة الاشتغال به نمطاً تدريسِياً أجبرَ الجبروتُ كورونا الدولَ على اعتمادِه كوسيلة لضمان تعلم الإنسان، وعدم توقف مؤسسة المدرسة وشللِها. ولعله وسيلةٌ، أيضاً، لإنقاذ الموسم الدراسيِّ من الضياع، وإنقاذ الدولة من ثِقل صَرف مبالغَ طائلةٍ على آلاف الموظفين الذين سيتعطلون عن العمل لتوقيف الدراسة، وإغلاق المدارسِ، لكن جيوبهم لن تتأثر، فيكونون بذلك مستفيدين من أموال كبيرة مقابل “لا شيء” قدموه للدولة والوطن، في عز أزمة ضاريةٍ. كما أن استمرار شلل المدرسة، في الموسم الحالي، سيعني أن المكتبات لن تبيع ولو كتاباً مدرسياً واحداً، ولا دفتراً، ولا مقلمة، ولا أقلاماً، فمن يأبه بتلك الكتب ذات الحجم الكبير، والسُّمكِ العريض، والدروس الكثيرة، وقد أنقذه الفيروس من هولِها؟

هكذا يتساءل لسان حال غالبية التلاميذِ. أما ذويهم، فقد أنقذهم التاجي الغاشمُ من مصاريف مرهِقةٍ، فصار يبدو له فيروساً ملكياً رحيماً بهم، رفيقاً بقلة ذات يدهم.

غير أن ذلك لن يُعجِب رجال الأعمال الذين ستتضرر مصالحُهم، ودُورُ نشرهم، ومطبعاتُهم ومكتباتهم، ولن يقبلوا بذلك الضرر.

بهذا المنطقِ؛ منطقِ الاقتصادِ، فيما يبدو لي، تم إقرارُ نمطِ التعليم عن بعدٍ.

إن المتعلمَ لا يتوقف عن قراءة العشرات من الرسائِل التي تردُه من مجموعاتٍ “واتسابيةٍ” كثيرةٍ، كلها تحمل اسم المواد التعليمية التي يدرسُها؛ كأن تجد لدى متعلمٍ في شعبة الاقتصاد، مثلا: م. الفلسفة، م. العربية، م. الاقتصاد، م. التدبير والتسير، م. الانجليزية، م. الإسلاميات، م. الرياضيات…

ومن كل مجموعة، من هذه، وغيرها، تصله الدروسُ من مُدرِّسيه، بصيغ مختلفة: word، pdf، رسالة خطية، روابط لمقالاتٍ تحليلةٍ، أو تمارينَ مصححةٍ، أو دروسٍ مبسطةِ الشرح، منشورة في مواقع الكترونية تعليمية، أو على اليوتوب.

يَتُوه المتعلمُ بين أشجار هذه الغابة الكثيفة بالوثائق والمعلومات، فيصير انتقاد الكثيرين لضخامة المقررات، وفشل نظريات التلقين التي ما تزال ساريةً في الممارسة التعليمية، انتقاداً مضاعَفاً، فالمتعلم غير قادرٍ على استيعاب ما يُبنى من معارف قليلة في حصة دراسية صفية تفاعلية، فكيف يستطيع فهمَ هذا الحجم الهائل من المعارف التي يتلاقاها عن بعد، ويستوعبها بمفرده؟ كيف يستطيع تكوين ذاتِه، وهو لا يمتلك آليات ذلك التكوين؛ فالمدرسةُ المغربيةُ منشغلةٌ بالمعارف والمدارك، كماً لا كيفاً، غافلةٌ عن المهارات، وقد عجزت الأندية التربوية عن فعل ذلك بسبب العزوف عن الاشتغال فيها. وذلك موضوع آخر يطول.

لذلك، فإن المتعلم لا يقدر على شيءٍ مما يُطلَب منه، وهو يعيش وسط أسرة لا تتابع ما يفعل، ولا تواكب دراسته، ولا تمد له يد العون، وكيف تفعل ذلك، وجل المغاربة يقاتلون خارج بيوتهم لصد هجومات الفقر، وكسب قوتِ اليوم؟ ناهيك عن أمية فئة عريضة، كما تؤكد الإحصائيات. ويُسْهِم موقفُ آخرين من المدرسة المغربية في تركيب الإشكال.

والمتعلمُ الذي نتحدث عنه يتراوح عمره بين سبعٍ وسبعَ عشْرةَ سنةً، فهل تكوَّن على كيفية استعمال الهاتف المرتبط بشبكة الأنترنيت استعمالاً آمناً؟ وهل تعلَّم كيف يستطيع البحثَ، والقراءةَ والتحليلَ؟ وهل يملك مهارات تنظيم وقت فراغه بين متابعة دراسته بالاشتغال عن بعد، والتواصل مع أصدقائه، واللعب، والتنزه في حدائق مواقع التواصل الاجتماعي؟

كلها أسئلةٌ تضع جدوى التعليم عن بعد في مأزِقٍ، وتجعل الكثيرين غيرَ مطمئنين لما ستؤول إليه النتائج على المَدَيَات الثلاثةِ.

Categories
تمغرابيت

الاحتجاجُ على إغلاق المساجد

يعتقدُ المحتجُّونَ، في الليالي الأولى من رمضان، أن من واجبهم الاحتجاجُ على إغلاق المساجد، ضمن الإغلاق الكلي الذي شمل كل المؤسسات المجتمعية. ولا أحد يُنكِرُ حقهم في التعبير عن رأيهم. لكنه رأيٌ، يراه الباحثون في شؤون الدين، سوءَ فهم للدين، ولفسلفته وروحه، وجهلٌ بذلك؛ فصلاةُ التراويحِ “مندوبة نُدباً مُؤكّداً”، لدى الإمام مالك. والمندوبُ هو “ما اقتضى الشرع فعله من غير إلزام”، كما يُعرَّفُ في كتب الفقه الإسلامي. وبتعبير فقهي آخر، هو “ما يثاب فاعله، ولا يأثم تاركه”. وأداؤها في المنازل هو سنة الرسول، كما سأبيِّنُ.

واعتبره فقهاءُ آخرون، وأقصدُ الشافعي، وابنَ حنبل، وأبا حنيفة، سنةً مؤكدةً.

غير أن أداءَها جماعةً ليس سوى “بدعةٍ حسنةٍ”؛ فقد روى البخاري أن رسول الإسلام «صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ في المَسْجِدِ، فَصَلَّى بصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ القَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، أَوِ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إليهِم رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. فَلَمَّا أَصْبَحَ، قالَ: قدْ رَأَيْتُ الذي صَنَعْتُمْ، ولَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إلَيْكُمْ إلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ علَيْكُم».

وقال ابن شهاب، فيما رواه البخاري، إن “رسول الله مات، والأمر على ذلك، ثم كان الأمر عليه في خلافة أبي بكر، وصدراً من خلافة عمر، رضي الله عنهما”. فأبو بكر لم يصلِّ التراويح جماعة، ولم يأذن بذلك، سيراً على نهج النبي الذي يروم التخفيف على الناس في أمور دينهم، وعباداتهم.

ولما جاء عهد عمر بن الخطابِ، صلى بالناس، في صدر من خلاقته، وأخبرهم أنها بدعة حسنةٌ، كما تروي كتب السِّيَر والفقه.

ولهذا، أرى -مع الرائين- أن معظمَ المغاربة جاهلون بدينهم، ويتعصبون لأفكار خاطئة، بمنطق ما يؤمنون به.

ويخطئ كثيرٌ منهم أكثرُ عندما يقولون: «إن الدولةَ المغربيةَ تحاربُ الإسلامَ عبر محاربة المساجدِ»، وكأن المغرب دولة “صليبية”.

ويذهبون أبعد من ذلك حين يصفونها بالماسونية، وأن تطبيعها مع إسرائيل له دخل في أمر إغلاق المساجد، وهم بذلك يعبرون عن جهل كبير بما تقوم عليه شرعية الحكم في البلاد، فإمارة المؤمنين مبنية، منذ قرون طويلة، على الدين، فهو أهم أسسِها. ولهذا، فإن المتضرر الأول من إغلاق بيوت الله هو الدولة نفسُها، وهي المُحرَجةُ زيادة في القرارات المُتَّحَذَةِ.

وقد حاولت كثيراً فهمَ دوافع الإغلاق الليلي عامةً. وتساءلتُ كثيراً: أليس تهديداً للأمن الاجتماعي والنفسي إغلاقُ المقاهي والحمامات، والملاعب والقاعات الرياضية، وغيرها؟

فتوصَّلتُ لقراءةٍ، تحتمل ما تحتمله من الخطإِ، وهو أن ذلك القرار سياسيٌّ، أكثر منه قراراً مبنياُ على توصيات صحية. فأظنُّ أن الهدف من إعلان حالة الطوارئ ليلاً، ابتداءً من الثامنة، هو إغلاق الباب أمام الأحزاب السياسية، وبالأخص منها حزب العدالة والتنمية، التي تعتمدُ، فيما تعمل به من استراتيجيات دعائية، على الولائم، والمجالس الدينية، فتستغل الخطاب الدينيَّ ورقةً انتخابيةً، ونحن على مشارف الانتخابات التشريعية، ولا بد من حرمان ذلك الحزب، ومن يشتغل بالآليات ذاتها، من تلك الورقة الوجدانية، وإحراقها.

ورمضانكم/ن كريمُ